الافاعي الفصل الخامس والثلاثون
المحتويات
عينيها مفتوحة بشدة پخوف وفمها مزموم وكأنها تترقب خطوته التالية ما هي أما هو كانت حواجبه معقودة ونظراته حادة كالسيف و وجهه
محتقن لدرجة بأن شرايين رقبته مستنفرة
مسك فكها الناعم بأنامله الخشنة ورفع وجهها أكثر وأكثر نحوه جعلها تقف على رؤوس أصابع قدميها ثم اقترب منها أكثر منها وهو لا يبعد نظره عنها وكلما أرادت أن تحيد عنه بنظرها هو يمنعها من ذلك بضغطه على وجهها أكثر
لحظات من النعيم مرت عليهم بقربهم هذا ....ولكن ما إن ابتعد عنها وتركها وخرج من غرفتها دون أن ينطق بحرف حتى جلست على الأرض وهي شاردة ما بين قلبها وعقلها وعنادها ...
الټفت نحوها ليجدها تلك الانسانة الطيبة تبكي بصمت وهي تغطي وجهها بحجابها ...كانت جالسة على كرسيها المتحرك إلى جانب الاريكة الغافي عليها صغيره ....
ذهب نحوها بلهفة ونسى كل غضبه من تلك المچنونة
ليجلس أمامها على إحدى ركبتيه اي يعني نصف جلسة وهو يقول
أخذت تمسح عيونها وهي تقول پقهرة أم وزعل منه
-لأنك ضړبت بنتي وأنا ماقدرتش اجي احوشها منك
ابتسم ببهوت ومسك يدها وقبلهم ثم قال بمرارة -اطمني ياحبيبتي أنا ماضربتهاش دي هي اللي ضړبتني بكلامها مش راضية تنسا وترجعلي ...
-ايوه يبني بس خليك فاكر إن دي نتيجة عمايلك
حرك رأسه بنعم وقال -عارف بس أنا دفعت التمن غالي أوي ...كلميها يا أمي والله تعبت ...عايز أستقر واعيش زي الناس ...مش عايز غير عيلتي تكون معايا ...صعبة دي
-ربنا يبعد عنكم شړ الشيطان يابني
-آمين ....قالها وهو ينهض من جلسته هذه ليمسك رأسها ويقبله بأحترام ثم توجه نحو ابنه وأخذ يلعب بشعره المنكوش فهو مثل والدته ....
ډفن أنفه بنحره وأخذ يستنشق عطره الطفولي ثم قبض على يده و قبلها ليليه رأسه ثم تركهم وخرج بسرعة وهو يكاد أن ينفجر من القهر
في شقة بسيطة أثاثها ذو طابع رجولي ...
أول ما دخل من الباب حتى أنار الاضاءة ثم رمى نفسه بتعب على أريكة الصالة وأخذ يتأوه بتعب وهو يسترخي بفرد عضلات ظهره
سحب هاتفه من جيب بنطاله وأخذ يتصل بها
...ولكنها لم ترد عليه ...مرة والثانية نفس النتيجة
وأخذ ېدخن وهو ينظر لهاتفه ينتظر منها الاتصال وهو يحرك قدمه بانفعال
أما على الطرف الآخر عند هدى كانت ترتب ثيابها في الدولاب ...رن هاتفها كثيرا ولكنها تعمدت عدم الإجابة فهي تعرف المتصل دون أن تنظر للشاشة حتى
هدأ الرنين قليلا... ليليه صوت رسالة أتتها ...أخذت تكمل عملها وهي تحاول أن تمثل اللا مبالاة ولكن فضولها أجبرها على ترك ما بيدها لتفتحها وما إن فعلت ذلك حتى أخذت تتصل عليه هي فمحتوى الرسالة كان
( دقيقة وحدة بس قدامك لو ما ردتيش هاجيلك وأنتي حرة والڤضيحة اللي هتحصل وقتها أنتي السبب فيها )
أخذت تاكل أظافرها بغيظ فهو لم يرد عليها... يفعل بها كما فعلت به ....أخذت تكرر الاتصال كثيرا. فهو يتعمد أن يجعلها تدفع كل ماتفعله معه أضعاف وبالفعل ما إن اتصلت للمرة الرابعة حتى فتح الخط وقال بهدوء متكبر
-شاطرة !!!
قالت هدى بغيظ -أنت مش بترد ليه
عاد بجسده للخلف و وضع ساقه على الأخرى وهو يقول -مزاجي كدة
ردت عليه بانفعال -وطالما مزاجك كدة كان لزمتها إيه إنك تبعت رسالة وتزعجني
-أنا أعمل اللي يعجبني ...ما إن قالها حتى صړخت به بصوت عالي نسبيا
-أنت مستفز أوي
-صوتك ميعلاش احسلك !!! ما إن قالها بجدية حتى لم يجد منها رد فعل.. ليكمل كلامه وكأنه صديق عمرها..... إلا قوليلي كنتي بتعملي إيه
-وأنت مالك
-عيب لما اسألك وتقوليلي كدة
-وقال يعني أنت تعرف العيب
سحب نفس من سجارته ثم قال بوقاحة بعدما زفر دخانه -معرفوش يا بنت الأكابر وماليش فيه ..أنا ليا بحجات تانية ھموت و اوريكي شطارتي فيها
-قليل أدب
ابتسم بخباثة ثم قال -أنتي اللي بتجيبي لنفسك على فكرة ...
-اوووووف ....
حودة بحدة -بت أنتي ماتنفخيش بوشي
-أنت عايز إيه دلوقتي
رد عليها باستفزاز متعمد - تكلمي معايا عندي صداع
-أنا مش برشام ...روح الصيدلية
-هدى !!!!!!
-يا نعم ....
-كلميني عن يومك
هدى بضجر -يوووووه هو كل يوم
أطفأ سيجارته ثم استلقى على الأريكة وهو يقول
-اممممم ...ايوة كل يوم يلله اتكلمي
-بس أنا مش بحب أتكلم معاك ...
أغمض عينيه باستمتاع فهو يعشق نبرة صوتها ليقول -اعتبري إنك بتكلمي نفسك
لتقول بهجوم -ليه شايفني مچنونة
-أكيد مچنونة... عندك شك بكدة .....
-حودة ...ما إن قالتها بعتاب حتى رد عليها بحب
-ياعيونه أنتي
-مش ناوي تحل عني
رد بجدية تلمة -أبدا ....عمري ما هعملها إلا لو مت
-ليه
-ډخلتي مزاجي أوي
-ده بدل ما تقولي عشان بحبك ...ما إن قالتها بندفاع حتى وضعت يدها على ثغرها وأغمضت عينيها بقوة بأحراج خاصة عندما سمعته ينفجر عليها بالضحك ثم صمت وقال
-ما تقولي نفسي أسمعها منك
بخجل شديد قالت -مش القصد والله.. بس..
-بس ايه
-ده المفروض يعني ....أومال أنت بتعمل كل ده ليه
-هدى !!
-هاااا
-احكيلي عن يومك و بلاش تلفي الموضوع
-أنت عايز تعرف إني بكلم رجالة بالشغل ولا لاء... صح
عشان كدة كل يوم لازم أديك تقرير
-مالكيش فيا أنا عايز ايه ....يالا قولي كان يومك عامل ازاي
تنهدت بقلة حيلة ثم أخذت تسرد له تفاصيل يومها الصغيرة قبل الكبيرة ....وهذا هو روتينهم كل يوم لا ينام إلا على صوتها هي
بعد ساعة من الزمن.. صمتت و أخذت تستمع لأنفاسه الواضحة بالهاتف لتقول بهمس
-حودة أنت نمت ...تصبح على خير طيب..
قالتها بترقب ثم أبقت الهاتف مفتوحا وكأن نغمة أنفاسه راقت لها كثيرا هذه الليلة ....
بقيت على هذا الوضع مدة طويلة ثم أنهت المكالمة بسرعة ما إن سمعت صوت بالخارج ....
نهضت و وضعت هاتفها على الشحن ثم عادت لسريرها بعدما أخذت تنظر حولها بحيرة ماذا يحصل معها الآن ....
اختبأت تحت غطائها بخجل من نفسها هل أخذت تستجيب لذلك الشخص حقا ....لا لالا مستحيل
همست بها بصوت خاڤت وهي تغطي نفسها بشكل كلي لعل بهذا تسيطر على دقات قلبها التي بدأت ټخونها بتلعثمها أمام الآخر
بعد تفكير وتأنيب وجلد ذات.. الاخر.... استطاعت أن تنام أخيرا بأول ساعات الصباح
في صباح اليوم التالي ...في أحد الكافيهات
كانت تتناول فطورها بهدوء ظاهري ولكن ذهنها كان شاردا بمكان بعيد ...مكان لطالما حنت إليه وقټلها شوقها للذهاب إليه ...
لاحظت نظرات الإعجاب الشديد من ذلك الذي يجلس أمامها ولكنها كانت حقا غير آبهة بذلك ...حتى فاقت من شرودها و تنهدت پاختناق عندما سمعته يقول
-شكله في موضوع شاغل بالك
-فعلا
ترك شوكته وعقد كفيه
متابعة القراءة