الافاعي الفصل الخامس والثلاثون

موقع أيام نيوز

( فصل الخامس والثلاثون )
(( ...بعد خمس سنين ... ))
المكان ... أسكندرية ...
الوقت في إحدى ليالي ديسمبر الباردة لا بل شديدة البرودة ...الأجواء كانت مخيفة صوت الرعد يرج الأرجاء مع أمواج البحر الهائجة ڠضبا
يليه كثرة الناس على الأرصفة وأصواتهم وهم يركضون باتجاهات مختلفة يريدون الأختباء من حبات المطر التي تجعل جسدهم يقشعر مع مزامير السيارات في الشوارع المزدحمة ...

كان الوضع عبارة عن فوضى في فوضى حرفيا كما في داخل تلك التي تقف أمام النافذة وتشاهد كل هذا بصمت قاټل ....
رفعت كوبها الكبير وارتشفت منه القهوة بهدوء ممېت ثم أنزلته لتحتضنه براحتيها وأخذت تستشعر حرارته وهي ما زالت شاردة بالأجواء الخارجية
وكأنها متعجبة فهي لأول مرة ترى شيئا يعبر عنها 
ولو لدرجة بسيطة ولكنها تقسم كل هذا الضجيج لا يأتي بمقارنة مما في داخلها ...على مايبدو هذا الشتاء قارسي المناخ ومزاجي
خرجت من شرودها و رفعت حاجبيها والتفتت للخلف ما إن سمعت صوت قفل الباب الرئيسي للشقة يفتح ...وضعت كوبها على الطاولة وهي تبتسم بحب عندما وجدت عائلتها تدخل ليليه صوت تلك الشقية التي تذوب عشقا بها وهي تركض نحوها وتقول
-مااااامي ....وحشتيني
انحنت نحوها واستقبلتها بذراعين مفتوحتين لتحملها باحتواء و اخذت تقبل وجنتيها الناعمة بقوة ثم نظرت لوالديها الذين جلسا على الأريكة بتعب
انتقلت بنظرها لأختها وقالت باستفسار بعدما جلست هي ايضا
-اتأخرتم كدة ليه ....
لتقول سيلين بتعب هي الأخرى 
-بسبب العفريتة اللي بحضنك دي ...
-يوووووه أنا مش عفريته أنا إنسانة ....قالتها بتذمر لذيذ وهي تزم شفتيها
سيلين بعصبية من شقاوتها التي لا تنتهي
-قصدك حيوانة
نظرت سيلا الى ميرال وقالت بطريقة جميلة
-شفتي يا مامي سيلين بتقولي ايه
سيلين بغيظ -بقى ميرال مامي وأنا اللي شلتك في بطني تسع شهور تقوليلي يا سيلين هي دي آخرة تربيتي يامقصوفة الرقبة
ردت عليها بتذمر 
-ماشلتنيش لوحدي في بطنك كان سعد معايا
ضحك الجميع عليها وعلى طريقتها بالكلام ثم
قالت ميرال وهي تنظر لذلك الصغير 
-حبيب خالتوا ده شكله تعب خالص
سيلين بتأكيد -طبعا هيتعب طول ما طلبات الست سيلا اللي ماكنتش تخلص بالمول ...عايزة من ده وده لا ده وحش وده مش عارفة ايه ...
-إيه ده !!! هو مش عيد ميلادي بكرة ومن حقي أدلع
-وعيد ميلاد أخوكي كمان بس أنتي خدتي كل حاجة على ذوقك أنتي
-ما أنا سألته وقولتله ترضى إني أشتري كل الحاجات على ذوقي وهو وافق ....احنا توأم يعني واحد
-طبعا هيوافق هو ييجي ايه جنبك ده لو اعترض تاكليه باسنانك المبرد ده
-لاء هو وافق عشان بيحبني ...ما إن قالتها حتى ابتسم سعد الكبير بحب لذلك الذي يغفو على صدره وأخذ يملس على شعره الناعم وهو يقول
-هو في زي حنية سعد ...
- هو يعني أنا اللي وحشة يا جدو ولا عشان اسمه زي اسمك
سيلين بتنهيدة -سيلاااااا احنا مصدعين فبلاش اسطوانة كل يوم وتدوشينا برغيك
قالت داليا بحنان -سيبيها دي أحلى حاجة فيها
نظرت سيلا بزعل لوالدتها وقالت بدلال وهي تؤشر على نفسها بسبابتها الصغيرة بمنتهى البراءة
-أنا رغاية يامامي ...أنااااااا روحي خلاص أنا مخصماك.... ربنا يسامحك
أشاحت سيلين بيدها وقالت بلامبالاة -أحسن وياريت تفضلي زعلانة كدة كتير هااا طولي شوية بزعلك
زادت بلوية شفتيها وفتحت عينيها باندهاش وهي تقول پاختناق طفيفوتهون عليكي سيلا حبيبتك
-جدا ....خاصميني بقا أوعي تصالحيني ....ما إن قالتها سيلين حتى نزلت سيلا من حضڼ خالتها بسرعة وذهبت نحو والدتها واحتضنتها وهي تقول بلهفة
-لااااا أنا بحبك
ابعدت سيلين وجهها للجهة الأخرى بزعل مصطنع وهي تحاول ألا تضحك أمامها لتقول 
-وأنا مش بحبك
رفعت سيلا جسدها للأعلى قليلا و وضعت كف يدها الصغير على وجه والدتها وأدارته لها وما إن نظرت الى عينيها حتى قالت بجمال لا يوصف
-حبيني ...ده أنا سيلا
-اااااخ منك اااااخ ....قالتها وهي تعض أصابعها بقوة من شدة جمال تلك العفريته ثم احتضنتها بحنان أم وأخذت تقبلها كثيرا تزامنا مع ارتفاع ضحكاتها الطفولية....
ثم نهضت و وضعتها على الأرض وضړبتها على أسفل ظهرها وهي تقول
-يالا قدامي ع الأوضة عشان نغير هدومنا ونغسل سناننا وننام
-حاضر .....ما إن قالتها وركضت لغرفتهم حتى تقدمت سيلين من والدها وحملت ابنها منه لتسند جسده الصغير على صدرها ثم دفنت أنفها بعنقه واستنشقت عطر طفولته بقوة وهي تتوجه للداخل
دخلت الى غرفتهم الطفولية لترى تلك العفريتة اخذت تغير ثيابها لتذهب هي نحو سرير ابنها وما إن وضعته وبدأت بنزع حذائه حتى وجدته فتح عينيه بنعاس شديد وهو يقول
-ماما
ابتسمت له وأخذت تلعب بشعره الحريري وهي تقول -ياقلبها أنت
سعد وهو يغمض عينيه ويفتحهما وكأنه يقاوم نعاسه وهو يقول -بكرة عيد ميلادي
-أيوه يا حبيبي العمر كله يارب ...قالتها وهي تنهض وتأتي بثيابه وأخذت تساعده بتغيير ما عليه لتتجمد يدها عنه ما إن قال
-عايز تديني صورة بابي أشوفها
ركضت نحوهم سيلا وقالت بحماس
-أيوه يامامي عايزين نشوف صورة بابي
سيلين بتهرب -ماعنديش صورة ليه يا حبايبي ...
سعد بضيق طفولي -أزاي ماعندكيش
سيلين بتوتر -ضاعو مني
سعد بإصرار -طب هييجي امتى من السفر
-معرفش و يا لا ناموا مش وقت الكلام ده وبعدين أنت إيه اللي صحاك مش كنت نايم
-هو ليه لما نسألك على بابا ماترديش... أنا كبرت بكرة هبقى أربع سنين ...عايز أشوف بابا أنا ولا مرة شفته
قولتيلي لما تكبرو هتعرفو وهييجي وماجاش
-سعد حبيبي اااء
قاطعته تلك الشقية وهي تقول 
-طب كلميه واعرفي هيرجع امتى وقوليله سيلا بتحبك وبتقولك تعالى بسرعة
نظرت سيلين لأبنها الذي أنزل رأسه بحزن وصمت لتقول وهي تقرصه من وجنته بخفة
-وأنت ياحبيبي مش هتقول قوليله بحبه
-أحبه ليه وهو سابنا ...
-كم مرة قولت أنه ماسبناش هو سافر شغل و دايما بيتصل يسأل عليكم بس أنتم بتكونو نايمين وكل شهر بيبعت ليكم هدايا
-كان يقدر يشتغل هنا وكان يقدر يتصل واحنا صاحيين بس هو مش بيحبنا يبقى أنا كمان مش بحبه ومش عايز حاجة منه لا هدية ولا غيره
ما إن قالها ذلك الطفل بحزن ممزوج بعناد حتى تنهدت سيلين بصبر طويل ثم قالت
-وطالما مش بتحبه وزعلان منه أوي كدة عايز تشوفه ليه
-نفسي أشوفه كل صحابي بالنادي عندهم أب إلا أنا
انعصر قلبها ما إن سمعت ما يقوله بهذه الطريقة لترد عليه بسرعة -ليه بتقول كدة ياحبيبي هو بابا سعد مش معاك دايما ...ده كمان أبوك
تدخلت سيلا برفض -لا جدو سعد ده باباكي أنتي احنا عايزين بابانا احنا
سيلين بعصبية -وبعدين بقى أسكت واحد يتكلم التاني ...
كادت أن تتكلم سيلا إلا أن سيلين قالت لها بحدة
-ماسمعش صوتك يالا على سريرك ....وأنت التاني نام يالاااا
نهضت من مكانها وأخذت تدثرهم بالغطاء ثم أطفأت 
النور عليهم وخرجت متوجهة الى غرفتهم هي وميرال ....
وما إن دخلتها حتى أغلقت الباب بقوة ثم أسندت ظهرها عليه وأخذت تنزل ببطئ للأسفل حتى جلست على الأرض وهي تبكي بحړقة وما إن زاد بكائها وارتفع صوتها
حتى قالت ميرال بسخرية مريرة 
-عياط ماقبل النوم
رفعت سيلين رأسها بفزع ومسحت دموعها وهي تقول -أنتي هنا
ذهبت نحوها وجلست أمامها على الأرض وهي تقول -لا هناك ....وبعدهالك كل يوم عياط هتنسي امتى 
أوعي تكوني مفكرة إني مش بسمع عياطك كل ليلة
...انسي .... لازم تنسي
سيلين
تم نسخ الرابط